معتقدات

البطل المُنقِذ والحضري والمصريين.. “حكاية ماتعرفهاش”

يرويها لكم: Emad  @Ahlawy213  

 تعرف على تفاصيل هذه القصة الواقعية من قلب حياة مصر والمصريين….

 “عصام الحضري” كان سايق عربيته على طريق النصر، وهو عند المنصة خبط عربية راجل عجوز و أتلفها، 

الحادثة دي حصلت بعد ما رجع منتخب مصر من أنجولا في فبراير عام 2010م، معاه كاس أمم أفريقيا للمرة السابعة في تاريخه والتالتة على التوالي، وكان “الحضري” واحد من نجومه

اللي راهن عليه الجهاز الفني وضمه ضد رغبة الملايين من مشجعي النادي الأهلي، بعد حادثة هروبه الشهيرة، وفعلا أبدع وكسب الرهان

📌الناس اتلمت زي النمل من كل حتة، احتشدوا، وانشقت الأرض عنهم وخرجوا حوالين الحادثة، اتوقف المرور وجت الشرطة وكلهم بيمسكوا في عربية السواق الغلطان

لكن بمجرد ما الإزاز الفاميه نزل، والشهود اكتشفوا شخصية “الحضري” الموقف اتبدل تماما، وحاولوا تخليص اللاعب من المشكلة بأي تمن، حتى لو هيضيعوا حق الراجل العجوز

📌طبعا دا بسبب إن الغلطان هو النجم الكبير، “البطل المصري” اللي ساهم في احراز كأس أمم افريقيا

اللهو الخفي اللي خلاهم يتنططوا في القهاوي ويزغرطوا ويصوتوا،  وفجأة بدأ كل واحد يهدي النفوس 

📌وتحت نظر الشرطة قاموا بتسريب “الحضري” في الزحمة، هربوه، وتكفلوا بتطييب خاطر الراجل، وكلمات من عينة “ربنا يعوض عليك” وكدا، وطلبوا منه ما يصعدش الموقف لان دا عصام الحضري..

يعني حتى لو عمل محضر مش هينفعه، عشان نجم الكرة دا عنده بدل الضهر ألف ضهر، وله اتصال وطيد مع رموز النظام الحاكم وقتها..
📌وكان فيه كلام زي “دا واجب عليك عشان مصر”! ، 
وفي اللحظة دي تمثل الوطن في هيئة “عصام الحضري”! وفعلا خلع الوطن في عربيته بدون أي مساءلة قانونية
أو اعتبار لحالة الراجل العجوز؛ اللي عربيته راحت وهو نفسه كان هيروح..
✍ و قبل الواقعة دي ب38 سنة، وبالتحديد في 8 يوليو سنة 1972م، صحيت مصر كلها على عناوين الجرايد، الرئيس “السادات” أصدر قرار جرئ جدا بطرد الخبراء السوفيت من مصر، العالم كله اتفاجئ باللي بالقرار دا
وشهد كل أبطال وقادة حرب أكتوبر بحتمية التخلص منهم قبل الحرب، ﻷن وجودهم عامل قلق أمني مخابراتي مصري، 
👌لكن القرار دا قابله الروس بمنع قطع غيار الاسلحه الموجودة عندنا، علشان كل سلاح له عمر افتراضي ولازم تغيير القطع اللي فيه علشان يشتغل
زي مثلا إنهم منعوا إمداد الجيش بتاعنا بإطارات الطيارات،ولكل إطار عدد مرات هبوط، ولازم يستبدل بعدها بواحد جديد، يعني توقف توريد الإطارات معناه توقف الطيارات عن الشغل أصلا، ودا لقى له الطيارين حل بتقليل حدة الهبوط عشان ما يستهلكوش الكاوتش، ودا حل مؤقت قدروا يزودوا عمر الإطارات بيه
👌لكن الكارثة كلها كانت في سلاح الدفاع الجوي، لأنه بيتكون من حائط الصواريخ، ودا 90% منه كتايب صواريخ سام 2 ، و 10 % كتايب سام 3  ، والصواريخ دي بتشتغل بوقود مش موجود غير في روسيا، والوقود له فتره صلاحية محددة وبعدها ما يبقاش صالح للاستخدام، فأوقف الروس توريد الوقود للصواريخ
ودا معناه إن مفيش حائط صواريخ ولا فيه دفاع جوي، يعني من الآخر مفيش حرب من الأساس
لأن خطة الحرب المصرية قامت علي إدراك حقيقي لواقع ان القوات الجوية للعدو، اللي كانت بتتفوق تفوق كاسح علي القوات الجوية المصرية، وكان لازم وقف السيطرة الجوية لهم
ودا مش هيحصل غير بالدفاع الجوي ومن بعده القوات الجوية، يعني مصر هتهاجمهم بأسلحة دفاعية تحقق لهم خساير عالية، علشان مفيش وجود سلاح هجومي عندنا وقتها يحقق نفس الخساير، ومع عدم وجود الوقود يبقى خطتنا كلها فشلت من قبل ما تبدأ
وعليه…، بدأت تتحرك أجهزة الجيش والمخابرات والدولة كلها علشان تحل المشكلة، و أحد اتجاهات التحرك كانت داخل مصر نفسها، يعني باللجوء للعقل المصري ودي كانت مهمة “المشير محمد علي فهمي” قائد قوات الدفاع الجوي، وكان لسة برتبة لواء أيامها
الراجل فتش في السر كدا داخل الأجهزة والمعامل الفنية التابعة  للجيش، لكن مفيش حل، وللأسف واجهه عجز تام، لأن الوقود التالف دا لازم التخلص منه، لكنه لم ييأس وقرر إن يخرج بالمشكلة كمهمة وطنية تخص كل علماء مصر، فاتجه للعلماء المصريين المدنيين، ولف على كليات العلوم في الجامعات..
سنة كاملة بيلف ويدور زي الغريق؛ بيدور على قشاية يتعلق بيها، ولما لقى حتمية الغرق ضبش وعاند في وش التيار، 
وفي مايو 1973م  عرض المشكلة بالكامل على المركز القومي للبحوث، وهناك تقدم له أستاذ بقسم التجارب نصف الصناعية بالمركز، دكتور شاب اسمه “محمود يوسف سعادة” 
وفي اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة في يونيو 1973م، اتعرضت مشكلة الوقود على “السادات” اللي قال : بصراحة كدا الحرب مستحيلة بدون توفير الوقود، 
فطلب اللواء “محمد علي فهمي” انضمام واحد مدني لهم، ووصلت عربية مكتوب عليها “جيش” لبيت الدكتور “سعادة” ونزل ظابط من الحرس الجمهوري …. طلب حضوره لوزارة الدفاع..
خلال الشهر كان نجح العالم المدني في استخلاص 240 لتر وقود جديد صالح للاستخدام، من الكمية المنتهية الصلاحية الموجودة بمخازن قوات الدفاع الجوي، وبالفعل أخد عينة معاه وكمية دفاتر وأوراق وانضم لاجتماع المجلس الأعلى للحرب
وقدام قادة الأفرع و الريس.. بدأ يشرح اللي عمله طول الشهر اللي فات..
 ببساطة…، توصل الدكتور لفك شفرة مكونات الوقود، ووصل لعوامله الأساسية والنسب لكل عامل، ثم قام بتجميعها مرة تانية واستخلص ال240 لتر، انبهر “السادات”بالعقل دا، وأمر “اللواء فهمي” بإجراء تجربة شحن صاروخ بالوقود الجديد
علشان يشوف مدى فاعلية إطلاقه، وفعلا نجحت التجربة بشكل عبقري..
استثمر النجاح دا، وتم تكليف أجهزة المخابرات العامة بإحضار عينة من الوقود من دولة غير روسيا، وبعد إحضار العينة تم استيراد المكونات كمواد كيماوية عادية، وحصل دمج بين المركز القومي للبحوث مع معامل القوات المسلحة.
وتحت إشراف الدكتور سعادة انقلبوا لخلية نحل، بيشتغلوا 18 و20 ساعة يوميا
ونجح ولاد مصر المدنيين والعسكريين مع بعض، الجنود المجهولة اللي اشتركوا في الجهد العظيم دا، وتم إنتاج كمية كبيرة حوالي 45 طن من وقود الصواريخ، وبكده أصبح الدفاع الجوي المصري مستعد جدا لتنفيذ دوره المخطط ..
وتحت إشراف “الدكتور سعادة” انقلبوا لخلية نحل، بيشتغلوا 18 و20 ساعة يوميا..
وكانت مفاجأة ضخمة السوفييت اللي شافوا أداء حائط الصواريخ في أكتوبر، ما حدش كان يعرف مصر كلها جيش – مدنيين وعسكريين – بيحارب،
 القتال اللي تم في حرب أكتوبر 1973م كان نتيجة جهد وعرق وأفكار ناس عاديين خرجوا من تراب الوطن ده ، الشعب كان عامل ملحمة ملهمة في تماسكه عشان تحرير الأرض
ربنا سخر “الدكتور سعاده” علشان يتوصل للي توصل له، ويبقى واحد من أهم الأسباب – إذا ما كانش أهمها بالفعل – في نصر أكتوبر، ولولاه لكان استمر احتلال مصر، 
ولك أن تتخيل إن الدفاع الجوي دمر 326 طيارة أسرائيلية في حرب أكتوبر، بفضل الراجل الأسطورة المجهولة ده 
الدكتور “محمود يوسف سعادة” بعد الحرب حاز على جائزة الدولة التشجيعية ووسام العلوم والفنون، تقديرا من الرئيس ” السادات” على دوره التاريخي في النصر، وبعد أداء مهمته رجع وكمل حياته العملية زيه زي أي مواطن عادي، شغل منصب نائب رئيس أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا ومدير مكتب براءة الاختراع فى التسعينات، وبعدين بقى أستاذ متفرغ بالمركز القومى للبحوث..
وفي يوم عادي جدا، كان سايق عربيته وراجع لبيته -بعد 37 سنة من حرب أكتوبر- ولقى عربية جاية بسرعة ناحيته، هو ما لحقش يشوفها من تهور السواق….
وكأنه صاروخ دفاع جوي من اللي شغلهم زمان، خبطته العربية وبأعجوبة خرج – الحمد لله – بدون إصابات، كدمة بسيطة هنا ولا هنا وخلاص، اتلم عليه الناس اللي عايشين في خير وأمان بسبب اللي عمله هو وزمايله قبل الحرب، ولكنهم سربوا “عصام الحضري” اللي كان سايق العربية اللي خبطته
ضيعوا حقه اللي عند اللاعب، وقالوله: “ده أقل واجب علشان مصر!” وهما مايعرفوش الراجل العجوز ده قدم أيه لمصر!!!!
✍وبعد الحادثة دي بكام شهر توفاه الله تعالى فى 28 ديسمبر 2011م، وبعت المشير “طنطاوي” مندوب عنه لتشييع الجنازة، اللي حضرها بعض قادة الجيش الحاليين والمتقاعدين…
وكمان زملاء مركز البحوث، بدون أى ضجيج إعلامي يظهر الدور البطولي اللي قام بيه “الدكتور سعادة”، وكأن ربنا جعل لمصر كلها من اسمه نصيب، وكان سبب مباشر لسعادتنا ❤
الله يرحم “الدكتور محمود يوسف سعادة” ويسكنه جناته..
وطبعا الشباب أصبح يعرف الحضرى ولكن للأسف مايعرفش الدكتور سعاده
البطل المنقذ الذي أنقذ مصر و السادات والحضري “حكاية ماتعرفهاش” عشانك يا مصر
مصادر:  “كتاب جند من السماء” – للواء طيار محمد عكاشة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى